Monday, September 29, 2008

اليوم الأخير




لا أدرى لماذا يكون اليوم الأخير قبل أى إجازه طويله يوما عاصفا فى العمل !! تبدو الأمور و كأنّها تأتى لتعاكس توقّعات الجميع بيوم عمل سريع و قصير ينتهى بتبادل التهانى و ذهاب كلّ إلى بيته بسعاده و شغف و ترقّب للإجازه حتى لو كان أعظم أنشطتها هو زياره عائليه !!

على العكس من إدارات كثيره فى العمل يأتى مثلا يوم الخميس من كل أسبوع محمّلا بمشاكل عديده تستدعى البقاء لوقت متأخّر على عكس يوم عمل آخر فى بداية الأسبوع مثلا ..

و اليوم يأبى إلاّ أن يكرر سيرة إخوانه :) لا ننتهى من مشكله إلاّ لتبدأ أخرى حتى أن مديرنا الفلبينى يضرب كفّا بكف من مشاكل هذا اليوم قبل أن يبدأ فى المرور على الجميع كى يعرف من سيحتاج لتناول إفطاره هنا ومن سيذهب للمنزل !! البعض استسلم لمصيره بينما لازلت أمنّى نفسى بأن أنهى كل المهام التى تخصّنى كى أفطر فى البيت ..

أحد الزملاء -ممّن استسلموا لقدرهم و سيتناول إفطاره هنا- بدأ فى فلسفة الأمر و يتساءل عن الفارق بين إفطار البيت و إفطار الشارع !! و من باب حث النفس على تقبّل ما تأتى به الأيّام -الأخيره قبل الإجازات بالذات- وجد أنّه فى الحقيقه مفيش فرق و كلّه فطار :) و هو فعلا معاه حق .. فى النهايه إفطار هنا زى إفطار هناك لكنّها قد تكون الرغبه فى الشعور أن يوم العمل قد انتهى و وقت الإجازه قد بدأ .. و أحيان بتكون فكرة وجود أجازه فى الانتظار ممّا يخفف من توتّر الموقف و تحويله لشئ يستدعى السخريه و الضحك لتكراره كأنّه سنّه كونيه لا أعرف هل تخصّنا وحدنا فى مصر و إن كنت أكاد أجزم بهذا :)

و أنا أكتب هذه السطور ذكّرنى موقفنا و نحن نتعجّل إنهاء العمل قبل بدء الإجازه بشعور الذاهبين لمنازلهم فى اللحظات الأخيره قبل الإفطار .. لن يضيرهم فى أى شئ أن يصلوا منازلهم قبل الأذان بدقيقه او بعده بدقائق .. لن يختلف أى شئ فى حياتهم و لن يرفض الطعام الوصول لمعداتهم إذا كان تناولهم له خارج المنزل .. ربّما يكونوا من الذين يتناولون إفطارهم كل يوم داخل جدران المنزل دون أن يمثّل لهم هذا أى قيمه لافته للانتباه .. لكن ربّما يكون البقاء بالخارج فى الوقت الذى تخلو فيه الشوارع تقريبا أمرا باعثا على الرهبه بعض الشئ رغم كونه فرصه نادره للحصول على لحظات سكينه و هدوء لا تتكرّر .
. كل سنه و انتم طيبين .. حان وقت الانصراف ..

Saturday, September 13, 2008

برنامج .. يوجع القلب

ربّما كان من حسن الطالع أن كثير من الأعمال الرمضانيه فقدت بريقها بالنسبه للمشاهدين -أتكلّم عنّى و عن المحيطين بى على الأقل- و صارت تشبه فوازير "رمضان" التى ظلّت تقاوم لسنوات بعد انطفاء بريقها ثمّ استسلمت للنهايه المحتومه

لكن .. هذا البرنامج موجع فعلا .. برنامج "دقّوا المزاهر" الذى يعتمد على استضافة فريقين متنافسين كل فريق مكوّن من شاب و فتاه مقبلين على الزواج و الإجابه عن بعض الأسئله و من يكسب يفوز بشقّه تقدّمها شركة حديد "عزّ"

قرأت عن فكرة البرنامج ضمن ما قرأت عن برامج "رمضان" قبل أن يبدأ و فى اليوم الثانى من "رمضان" حين كان السؤال الذى يتبادله الجميع فى الشغل : شفتوا إيه من البرامج؟ شرحت لى إحدى زميلات العمل ما دار بالحلقه الأولى وكان من ضمن ما قالته أنّها كانت تتمنّى فوز أحد الفريقين بشدّه و كان بالفعل قريبا جدّا من الفوز إلاّ أن السؤال الأخير أطاح به و منح الشقّه للفريق الآخر. كان ردّى وقتها أنّه فى هذا البرنامج بالذّات ربّما يصعب كثيرا التحيّز لأحد الفريقين بسبب صعوبة ظروف المشتركين الاقتصاديه و الاجتماعيه ..

ثمّ كان أن شاهدت إحدى حلقات البرنامج .. كان أحد الفريقين أعضاؤه مسلمين و الفريق الآخر مكوّن من شاب و فتاه مسيحيين .. و استغربت نفسى جدّا -خاصة مع رأيى السابق- حين وجدتنى أتعاطف بقدر أكبر مع الفريق المسيحى الذى كانت تبدو ظروفه أقسى من الفريق الآخر.صدمنى كذلك فى المقدّمه التى يقدّمها البرنامج عن كل فريق استخدام المعلّق جمله مثل "فشل فلان فى الالتحاق بالجامعه الفمتوحه بعد حصوله على الدبلوم" و شعرت أن كلمات أخرى غير "فشل" كان يمكن أن توصل المعلومه دون جرح أو حرج !!

فى هذه الحلقه و لحسن حظّى لم يمارس مقدّم البرنامج الكثير من الضغوط المعنويه الممثّله فى أسئله شديدة الإحراج فاكتفيت بقدر من الإحباط تمثّل فى فشل الفريق الذى انحزت له فى الفوز :( و رغم انفعالى بفوز الفريق الآخر لدرجة إن عينى دمّعت و أنا أشاهد انفعالهم و سعادتهم فقد شعرت بقدر من الألم لخسارة الفريق الآخر ..

قرّرت بعد هذه الحلقه مقاطعة البرنامج تماما .. لا طاقة بى لمتابعة هذا الألم و الانفعال كل ليله حتى حكت لى شقيقتى أمس عن حلقة الأمس و وجدتنى أتطلّع لمشاهدة حلقة اليوم التى كانت قاسيه بالفعل بدرجه مثيره للدهشه

كل أعضاء و عضوات الفريقين من الحاصلين على الشهادات المتوسّطه و الحمد لله .. لماذا الحمد لله؟ لأنّى عرفت أن فرقا سابقه كانت العروس فيها حاصله على مؤهل جامعى بينما اكتفى العريس بمؤهل متوسّط و أن هذا الموضوع كان محل تساؤل و تعليق من "محمود سعد" إذ كان يسأل العريس : مش حاسس بقلق من الفرق ده ؟!! ومن ثمّ فى حلقة اليوم ضاعت عليه فرصة توجيه هذا السؤال العجيب !!

أحد المتسابقين اليوم يعمل "نقّاش" سأله مقدّم الحلقه عن شعوره و هو ينهى العمل بشقق شباب كثيرين مثله بينما هو غير قادر على الحصول على شقّه بعد أن ضاعت تحويشة عمره فى بناء شقّه ثمّ صدر بشأنها قرار إزاله ثمّ استئجار شقّه أخرى نازعه عليها أمين شرطه فظلّت مغلقه بحكم القضاء و بها عفشه الذى اشتراه للزواج !! ملامح الشاب رغم أنّها توحى بصبر طويل و كفاح بطولى إلاّ أنّها كانت تمنحك إحساس ذلك الوجه الذى لا ينقصه الكثير كى ينفجر فى البكاء .. زى بعض الأطفال أمّا تصعب عليهم نفسهم و يقرّروا ألاّ يبكوا رغم ضيقهم و ألمهم ثمّ يحدث شئ صغير جدّا و تافه يجعلهم ينفجرون فجأه فى البكاء !!

كانت الصاعقه فى سؤال إحدى الفتيات : إزّاى بقالكم تعرفوا بعض تسع سنين رغم إن شكلك صغيّر أوى !! على فكره رغم إن شكلك صغيّر بس الورق اللىّ معايا بيقول إنّك أكبر منّه !! ماحسيتش بالقلق يا فلان و انت بتتجوّز واحده أكبر منّك !!

كنت أهز رأسى و أنا أسمع هذه الأسئله و أعجز عن تصديق ما أسمع !! هل يجرؤ "محمود سعد" على أن يسأل "أنغام" مثلا لماذا تزوّجت رجلا أصغر منها !! هل يجرؤ على توجيه نفس السؤال ل "يسرا" !! ما هذه الأسئله و ما علاقتها بأى شئ فى الحياه و ماله هو بقلق فلان ولاّ علاّن !!

أنا فى المعتاد أكره بشدّه برامج الواقع الأمريكيه و المسوخ التى نشأت عند تقليدها فى بلادنا العربيه .. أراها برامج تدفع الناس دفعا لانتهاك خصوصياتهم و الخروج على الملأ بأدق تفاصيل حياتهم طمعا فى أشياء تافهه مهما علت قيمتها .. لكنّى مع هذا البرنامج و بعد حلقته الأولى كنت أقول لنفسى : هذا البرنامج يختلف فالسعى فيه نحو شئ جوهرى و أساسى كما أنّه لا ينتهك إحساس المشاركين فيه بأسئله مؤذيه .. لكنّى بعد حلقة اليوم شعرت أن الثمن باهظ حقّا .. تخيّلوا أن المذيع سأل الفتاه -اللىّ أكبر من عريسها- قرّرتى تتجوّزيه عشان شخصه ولاّ عشان تهربى من ظروفك الأسريه !! و سأل الأخرى : ليه والدتك ماحضرتش خطوبتك؟ عشان منفصله عن باباكى و كان صعب تيجى البيت فى خطوبتك صح؟ تخيّلوا قلّة الذوق و بشاعة استغلال حاجة الناس و غلبهم ثمّ الخروج علينا بمظهر المتعاطف مع الغلابه المشفق عليهم !!

الحمد لله فاز فريق البنت الأكبر سنّا و خطيبها النقّاش كما كنت أتمنّى .. و ثبت خطأ رأيى و إن حتى الغلب و الاحتياج درجات تدفعك للتعاطف أكثر مع بعض المغلوبين على أمرهم .. و رغم فوز الفريق الذى انحزت له كان انفعال الموقف قويّا هذه المرّه و الشاب النحيف الذى ضاعت عليه شقّتان من قبل يتّجه إلى "محمود سعد" ليصافحه بعد الفوز .. و كان نبيلا فعلا منافسه الذى خسر لكنّه ذهب ليصافحه و يهنّئه و ما نابنا إحنا إلاّ الدموع و وجع القلب .. و ربنا يجازى اللىّ كان السبب .. بجد ربنا يجازيهم كلّهم
ملحوظه : عمّاله أمنّى نفسى بفكره بلهاء تتمثّل فى تبرّع حديد "عزّ" بتلاتين شقّه للخاسرين بعد انتهاء الشهر الكريم .. مش هيجرى حاجه يعنى و كلّه مخصوم من الضرايب