Tuesday, July 06, 2010

منّك لله يا بارني


من بضعة أشهر كُنّا فى زياره لأحد محال لعب الأطفال فى "الدقّى" لشراء بعض الألعاب ل الرفيق "على" إبن أختى ..

من ضمن ما اختاره "على" فى هذه الزياره قصّه مترجمه من بطولة "
بارنى" .. جدير بالذكر أنّى لم أعرف "بارنى" سوى مؤخّرا من خلال الأغنيات التى تعلّمها "على" فى الحضانه حيث أنّى قضيت ثلثى تعليمى المدرسى فى مدرسه خاصه لا تعلّم اللغات بشكل رئيسى و الثلث الأخير قضيته فى مدرسه حكوميه ..

ما علينا .. استغربت جدّا اختيار "على" ولا أنكر أنّى استثقلت ظل القصّه التى اختارها .. فقصص "بارنى" -كما علمت فيما بعد- لا تعتمد على الرسوم بل على صور لأشخاص حقيقيين -باستثناء "بارنى" و أقرانه- فى سرد أحداثها .. و هو أسلوب غير معتاد بالنسبة لى ..

المهم اشترينا القصّه المترجمه للعربيه و التى كان عنوانها "بارنى و بيبى بوب يذهبان إلى المكتبه" ..


و اختارها "على" ذات يوم كى نحكيها له .. ومن هذا اليوم صارت قصّه مفضّله من تلك التى لا يملّ تكرار الاستماع إليها !! ف "بارنى" يذهب مع صديقته "بيبى بوب" ليعرّفها على المكتبه التى يستعير منها الكتب !! و تستقبلهم المسئوله عن المكتبه بنفسها و تعرّفهم بها فى جوله سريعه .. و المكتبه تقدّم أنشطه ترفيهيه و ثقافيه ممتعه .. فأحد الأيام مخصّص لقصّ حكايه للأطفال و ربّما تمثيلها كمسرحيه .. و يوم آخر مخصص للغناء .. و يوم ثالث لممارسة النشاط الذى يختاره الطفل كالرسم و التلوين .. و هناك نظم استعاره سهله .. كما أن هناك مساعده فى عملية اختيار الكتب للمبتدئين من أمثال "بيبى بوب" التى كانت تلك زيارتها الأولى للمكتبه !!

طيب و بعدين؟

نمرّ فى طريق عودتنا للمنزل بمكتبه قديمه كُنّا نذهب إليها و نحن أطفال .. كانت مكتبه ملحقه بمسجد تبرّعت بها صاحبتها كوقف خيرى .. و يشاء الحظّ أن تقع هذه المكتبه فى نفس الطريق من منزلنا لحضانة الرفيق "على" .. و يبدو أن والدته فى ساعة صفاء أخبرته عن طبيعة هذا المكان و كونه مكتبه فتخيّل أنّها مثل مكتبة " بارنى" و "بيبى بوب" .. و عليه كُلّما نمرّ بهذه المكتبه فى ذهاب أو عوده يكون سؤاله : ممكن نروح المكتبه دى؟

المشكله أنّى لا أعتقد أن المكتبه أصلا تقدّم خدماتها القديمه المتواضعه .. بل غالب الظنّ أنّها باتت مهجوره لا تسمح حتى باستضافة الأطفال القادرين على القراءه لأنفسهم .. و خدمة القراءه للأطفال أو حكى القصص لهم هى رفاهيه يصعب مجرّد التفكير فيها .. الأزمه الأكبرظهرت حين فكّرنا فى شراء قصص جديده من سلسلة "بارنى" طالما هى مفضّله لهذه الدرجه لدى "على" فوقع اختيارنا على "بارنى يذهب إلى المدرسه" بمناسبة استعداده للالتحاق بالمدرسه هذا العام رُبّما ..



فالمدرسه بها ما يشبه مزرعة للحيوانات تقوم "بيبى بوب" بإطعامها .. و بها دولاب خاص لكل طالب كى يضع فيه متعلّقاته !! كما أن هناك مساحه يمكن استخدامها لممارسة الزراعه .. و بصراحه فقد توقّفت عند هذا الحدّ من القراءه ولم أكمل باقى القصه و لم نشتريها رغم جاذبيتها الشديده .. إذ لدىّ اعتقاد -قد يكون خاطئا- أن الفارق الشاسع بين مدرسة "بارنى" و أى مدرسه قد يذهب إليها "على" قد يشكل قدر من الصدمه له و قد يكون من الأنسب أن يرى مدرسته كما هى فى الواقع أيّا كانت إمكانياتها ثمّ يكتشف كيف هى مدرسة "بارنى" .. لا أريد أن أقول أن كل المدارس يجب أن يكون بها مزرعه للحيوانات أو دولايب للمتعلّقات الشخصيه !! أنا فقط لا أحب أن يشعر طفل بأنّه خُدِع فى أمر يتعلّق بالمدرسه حتى و إن كان فى الصوره التخيّليه الجميله ما يمكن أن يحمّسه أكثر لفكرة الالتحاق بالمدرسه

لا أنكر أن موقفى هذا يتعارض كثيرا مع موقف سابق تبنّيته حين قرأت مقالا بعنوان "فى رثاء مجلّة ميكى" لرسّام الكاريكاتير "شريف عرفه" .. فى هذا المقال الذى حاول تناول شخصيات المجلّه بالنقد قال الكاتب :

..فالطفل المصري مثلا قد يكون ابنا خامسا لموظف حكومي يسكن بحي شعبي و يرى ان بطوط لا يعمل و مع ذلك يسكن في فيلا انيقة بحديقة امامية و خلفية و يجد عملا حين يفكر في البحث عن واحد....قد ينظر لأبيه المنهك المبلل بالعرق دائما و الذي يعمل بوظيفتين ومع ذلك لا يجد ثمن حذاء جديد لأحد ابنائه...هل ستكون نظرة هذا الطفل لمجتمعه سوية ؟

و كان تعليقى على هذه النقطه تساؤل عن من الذى قال أن الطفل الذى يعيش مع والده فى حى شعبى لا يصحّ أن يرى "بطّوط" الذى يعيش فى منزل بحديقه حتى لا يصير ناقما على مجتمعه !! و كأنّننا مفروض نغذّى الطفل من صغره على عشوائيات "خالد يوسف" و ظلامها و صراخها و عويلها كى يشب الطفل متوائما مع بيئته راضيا عنها !! أليس من الأفضل للطفل أن يعرف أن هناك من يعيشون حياه نظيفه و محترمه دون أن يعنى هذا أنّهم يجب أن يكونوا من أصحاب الملايين حتى يستحقوا هذه الحياه !! أو على أقل تقدير أليس من حقّه أن يحتفظ فى طفولته بصور جميله و مشرقه عن الحياه بدلا من أن يرى قصصا تجسّد نفس الواقع المؤلم الذى يعيشه و يبقى كأنّه بيعيشه مرّتين !!

لكنّى بكل صراحه أشعر أن الأمر سيكون به خدعه ما لو تصوّر "على" أن المدرسه هى ما يقدّمه "بارنى" فى قصصه كما تصوّر أن المكتبه هى تلك التى يذهب إليها مع "بيبى بوب" :( ولا أملك سوى أن أقول فى نفسى : مِنّك لله يا "بارنى"

ملحوظه : يبدو أن هناك مشكله ما فى ظهور التعليقات حيث استقبلت تعليقا على البريد لكنّه لم يظهر هنا !! يبدو أن بلوجر تعانى عُطل فنّى